Sunday, May 7, 2017

تاريخ المالكية والباقلانى





 لو تأملنا كتاب المقالات الإسلاميين لأبى الحسن الأشعرى لوجدنا من كلمة (( الإسلاميين)) الذى كتب موضوعا فى غلاف الكتاب أنه نسب أصحاب الأفكار المنحرفة بدين الإسلام. فموضوع الكتاب كافية لتدل على أنه  استخدم طريقة الرفق واللطف فى الإنتقام بهم وهى الطريقى العلمى والجدلى المنطقى  . فإنه لا يكفر هؤلاء أصحاب الفرق المنحرفة أو يتهمهم بالكفر بل يصحح أفكارهم بالحجج والبراهين وكان شيخه على الجبائى كان من أحدكبار المعتزلة  . فإن من طبيعة الفكر البشرى قد يخطأ وكلما تمسك البشر تلك الفكر الخاطئ فله باب مفتوح أدت إلى تكوين العقيدة الفاسدة .أما بمجرد الفكر الذى يقوم فى العقل فإنه لا يستطيع أن يقوم مقام العقيدة حيث العقيدة هو الشئ الذى تمسكت بالقلب تمسكا راسخاومتينا.

ومن أجل الدفاع  على العقيدة الصحيحة فلا بد من تصحيح الفكر عن انحرافاته حتى ترسخ تلك الفكر الصحيح وتطمئن قلوب المتمسكين به مهما كان تعرضه بأنواع الابتلاء والإمتحان . ولهذا, شاهدنا فى تاريخ الكفاح الطويل جهود أتباع أبى الحسن الأشعرى فى توصيل جهاده فى طرح الحجج على أصحاب هذه التيارات المنحرفة حتى جاء أمر الله لإنتصار أهل السنة والجماعة . وعلى سبيل المثال, أنظر جهود القاضى أبى بكر بن الطيب الباقلانى فى تكوين الكوادر حتى قام بعض طلابه فى قمع فرقة الإعتزال.  لقد انتشر ردوده العلمى والفكرى على انحرافاتهم إلى مختلف البلدان الإسلامى حتى بدل الناس من عقيدتهم الإعتزال إلى السنة والجماعة. لقد شهد التاريخ أن بداية تدعيم الأمة الإسلامية لحركة أهل السنة والجماعة كان علمائهم متواضعين فى اسلوب المجادلة حيث تركوا الهجوم على أعدائهم. فالمنهج الرفق بجانب الجدل المنطقى هو احد سبب نجاح حركة أهل السنة والجماعة ولكن المنهج بدل وغير بعد ذلك قليلا فقليلا إلى منهج الهجوم منذ مرحلة ارتقائه . ففى هذه المرحلة بدا الناس راوا بكفر هؤلاء اصحاب الافكار المنحرفة فلاموهم وهجموهم أشد الهجوم فتشددوا عن السبيل .


 ومن ناحية الفقه, فمن الرجال  الذين تتلمذوا على يد الإمام الباقلانى من حملوا المذهب الفقهى المالكى إلى أسبانيا ومن طلابه الشافعية كإمام الحرمين  الجوينى والغزالى والماوردى وغيرهم من علماء  المذاهب الفقهية المختلفة كتبوا الأصول واختصروا وشرحوا ودققوا أراء الإمام فمنهم  من بدلوا الأمثلة التى ذكر فى مؤلفاته  من المسائل طبق مذاهبهم . فمن هنا تتأزم الصراع الفقهى بعد ان رسخت جذور مذهب العقيدة أهل السنة والجماعة . وكانت المذاهب المسيطر والمستحكم فى البلدان الإسلامية هى التى جاء بمنهج الحجج والأدلة والبراهين. أما المنهج الذى يسير على اسلوب التلقب و الهجوم كما سلك شيخ الإسلام  ابن تيمية فرفض الأمة ولو كان معروفا بتبحره وتفقهه . ويغاير ذلك منهج تلميذه أبن القيم الذى ادلى نفس الأدلة فى حججه التى استدل بها شيخه ولكنه يسير على منهج ألطف من شيخه ورفض الأمة عليه أقلووجد القبول منهم أكثر . ومن أسباب استيعاب مذهب الإمامى أبى حنيفة ومحمد إدريس الشافعى على العالم الإسلامى هو إقبال الجمع الغفير من الأعاجم إلى مذهبهما وإن كانوا لا يفهمون معانى الأيات القرآنية   .قبول علمائهما المنطق العقلى كمفتاح لتفهيمهم  مرادات الشريعة ثم عبروا  تعاليمهم بتلك الطريقة  باللغة المحلية    حتى رووا 
. واستمر الصراع الفقهى صعودا ونزولا حتى جاء الإمامى عبدالوهاب الشعرانى وإبن رشد الحفيد.  فوضع الشعرانى  ميزانه فى حل الصراع الفقهى حيث يرى أن الخلاف الفقهى لا يخرج من المنهجين وهما التخفيف والتشديد. وكل من هذين الطريقين  - فى نظره الصوفى - إنهم ستتحدون فى الصواب حينما وصلوا إلى عين الشريعة . فعلى كل مدقق الفقه أن يتأملوا فى دراسة الفقه حتى وصلوا إليه . فاعتبر الشعرانى كأحد المؤسسين المبكرين لدراسة الفقه المقارن كدراسة المادة الفقهية المستقلة  لان مؤلفته المسمى بالميزان الكبرى يعتبر كوضع اساسى فى الحوار العلمى فى التقريب بين المذاهب الفقهية المتنازعة داخل الجماعة السنية . ومع هذا العمل المبذول لتحقيق أداء الصواب أو الراحج على الأقل  فقد دعا  الشيخ إلى التقيد  إلى المذهب المعين كما هو ينسب نفسه إلى الشافعية وهو المذهب الذى تقيد إليه أهالى منطقته
وكذلك إبن رشد الحفيد ينسب الى المالكية
. وفى وسط طريق بناء دراسة الفقه المقارن قام بعض الرواد بدعوة إلى التحرر عن التقيد المذهبى . وهذه الدعوة وإن كانت تواجه ضد رأى الشيخ إلا انه يحمل فكرة المقارنة الفقهية إلى النضج  . فاتهم أصحاب  الفكرة بدعوة التحرر عن التقيد المذهبى على هئؤلاء المتمسكين بالمذهب المعين بالتقليد الاعمى كما أشاروا إلى أن التقليد الأعمى لا يصلوا الى حقيقة  الصواب ومما كان من الدواعى  فى دعوتهم الى التحرر عن المذهب هو رفضهم المنهج التعليم القديم حيث روا ذلك المنهج هو السبب المؤدى إلى جمود المسلمين وتخلفهم

. فأجاب العلماء المتقيدين  بالمذهب  مؤضحين إليهم عن الخطر الشديد فى  التحرر عن المذهب أنه لأدى إلى التساهل بالشريعة بين الأمة المسلمة كما أنه يسبب إلى الإفتراق والشبهات بين عامة المسلمين . كيف يمكن أن يعلم الاباء الذين كان مستوى معارفهم العوام  أبنائهم فقه العبادة  بدون التقيد المذهبى مع أن من صعوبة الأستاذ أن يتلقى الترجيح فى أكثر أحكامها؟ فأصبح التقيد المذهبى هو مقدمة لطلاب العلم فى طلب الترجيح والتحقيق 
فإذا تفقه و تبحرفله قدرة الترجيح بين الأراء الفقهية كما فد فعلها الكثير من العلماء المتفقهين من أهل المذاهب المختلفة  . فلا ينبغى لكل فرد أن يتحرر من التقيد المذهبى  مع أن باب الإجتهاد لا تغلق لأهله.
. ثم دافعوا عن موقفهم بقول أنهم ليسوا المتقلدين التقليد الأعمى  ولكنهم فى الحقيقة هم مقتدين للمجتهدين الراسخين من الأقدمين . فهناك فرق كبير بين التقليد والإقتداء يجب التبين والتفرقة بينهما  لأن التقليد يرتبط بالجهل وأما الإقتداء فهو اتباع الحق على بصيرة . أما جهل المقلد فها نحن نكافح عنهم فمن الواجب عليكم ان تدعمنا وليس من الحق ان تحارب طريق الحق الذى نحن بصددها الآن.
وفى الحقيقة السبب الرئيسى لاختلافهم هو اختلافهم فى المستوى الفكرى والثقافى وأساسياتها. الناس كلهم ليسوا فى مستوى واحد. تفرقهم أنواع من المراتب المختلفة . وقد قام الأقدمون فى حل هذه المشكلة بوضع مراتب العلوم والفنون ولكن دعاة التحرر فقدوا هذه السعى فى دراستهم الفقه.  
واستمر الصراع الفقهى تتأزم وتتعظم حتى قدوم الإستعمارالاوربى  إلى أراضيهم
والمشكلة العظيمة هى تدخل الإستعمار الأوروبى خاصة من مندوبى البريطانيا فى القضايا المسلمة فى البلدان الإسلامية. وفى مساهمتهم فى إفساد للبلاد تأثير جلى خاصة فى غرس حبوب النزاع الداخلى بين الأمة الإسلامية حتى تتأثر بعضهم بالتجديد الذى حملوها.ومن أجل تحقيق سياسة التفرق والسيطرة تقدموا إلى تاييد المجموعة الضئيلة ومناصرة  الطوائف الضعيفة خاصة ممن يعادى ويحقد ضد مؤيدى الدولة العثمانية الإسلامية . ومن براعة سياستهم أيضا هو إجراء  التآلف مع كبار البلاد والدين كما انهم تقدموا بالهدايا والعطايا إلى مشيخة الأزهر. ومن نجاحهم الكبير هو تولية الإمام محمد عبده كمفتى الديار المصرية ثم تعينه كشيخ الأزهر وهو وقتئذ شيخ صغير كان بداية قصته العلمى هو الفرار عن نظام الكتاب الجارى بكفره.ولقلة سمعته وصغر اسمه لدى المجتمع فالناس وقتئذ يتسائلون من هو شيوخه وأين دراسته؟ ولكن مكانة الأزهر لعب دورا هاما فى رفع سمعة الإمام حتى قد عد كأحد من جماعة عمدة الأمة.ولكن الخسر للأمة لأنه بجانب تشكيل الإمام النظام الجديد كترتيب الطلاب إلى فصول وإجراء الإمتحانات هوترك الإهتمام  إلى الأذكار والأوراد ويجعل المواد الدراسات الإسلامية يوازنها الميزان العقلى .
 فابتعاد الطلاب عن الأذكار التى كانت فى الحقيقة هى مفتاح العرفان والحكم حتى اصبحت العلوم الشريعة علوم عقلى تحفظ لتسهيل التلفظ والإلقاء به عند المحاضرة لهى أول غرز الأبرة الغائبية المليئة بالسموم على الأمة المسلمة وهى لا تقل مضرها للأمة الإسلامية لهى لا تختلف بعيدا عن المنهج التعليم الغربى - وقد نجح بالفعل خطط المستعمر البريطانيا –ذلك لأن الآلاف من الطلاب الخريجين من الأزهرالوافدين من جميع بقاع الأراضى الإسلامية بعدما رجعوا إلى بلادهم   فتحوا المدارس بنفس النظام – المستقل عن الأذكار الروحية . ثم إنهم كونوا صفوف القيادة فى مجتمعهم فى البلدان المختلفة من العالم الإسلامى الواسع وكانوا متحمسين ملتهبة شعورهم ومتشددين بالرفض أو الهدم على كثير مما بنى الأقدمون كما انهم مفتخرون متواسعون فى علومهم . فكانوا يتفضلوا الحل الخارجى ولا يتقدموا على بحث السر المكتوم وهو السبب الأساس والحقيقى  لكل سعى يؤدى إلى قيام الأمة و سقوطها.
** فأصبحت الدراسة المتعمقة عن التاريخ لأمر فى منتهى غموضها لأن من المستحيل على أى فرد وخاصة إذا كان  شخصا بارزاكالإمام محمد عبده أو غيره أن يرفض لقاء مع أى شخص كافرقبل أن يعرف قصده لهدم الإسلام بل يتغامر بقصد الصحبة  فينفصل عنه انفصالا تاما . ذلك لأن كشف ما تخفى فى صدره  أمر متعلق بحكمة الله .
كما أن من اشر الإسراف أيضا اتهام العالم المجدد بالخيانة بدون أى دليل يمكن الثقة به بل بمجرد ظهور البيانات تدل على وجود عدة لقائات بينه وبين هئؤلاء . فإن القصد والميول القلبى لهى سر من الأسار المتعلقة بالقلب لا يعلمها إلا الله وحده . فالموقف الحقيقى للإمام محمد عبده تجاه المستعمر البريطانيا لا نعرفه بالضبط  لا سيما هو أحد السياسين .

أمر متعلق بال

No comments:

Post a Comment